إذا كنت ترغب في مساعدة شخص ما على تعلم لغتك، فما عليك إلا أن تدمجه في ثقافتك.
و ذلك من خلال الموسيقى و الأفلام و الكتب ... أي شيء يجعله راغباً في معرفة المزيد.
فذلك سيجعله يتعامل لغتك ليس كهدفٍ نهائي و إنما كوسيلة لتحقيق غاية.
أود أن أقص عليك قصتي بعد تعلم واحدة من أصعب اللغات في العالم.
فقد كنت ذات مرة في جورجيا، على متن إحدى الحافلات المحلية، و كنت في طريقي إلى بلدة "شاتورا" المنسية والمتداعية. و كان يجلس خلفي رجل قدم نفسه وسألني من أين أتيت.
أجبته :"أتيت من البرتغال".
فقال بابتسامة: "كارا بونيتا!"
و من ثمَّ اتضح أنه عاش في بلدي لبضعة أشهر وعلمه أحدهم أن يقول عبارة "وجه جميل" باللغة المحلية.
بالتأكيد ، لقد فعلنا ذلك جميعاً.
من حيث أننا علمنا أجنبياً كيف يقول شيئاً ما بلغتنا الأم. وفي كثير من الأحيان، نختار أن نعلمه الكلمات البذيئة. وفي أوقات أخرى، تكون مجرد كلمات عشوائية.
و أذكر أن إحدى الكلمات الأولى التي تعلمتها باللغة المجرية كانت "paradicsom fej" (أي وجه أحمر كالطماطم).
وكان ذلك بسبب إصابتي بحروق الشمس حيث بدوت حينها حقاً مثل ثمرة طماطم. وتولى شريكي المجري رعايتي في ذلك الوقت.
غير أن هذه كانت مجرد بداية لمغامرتي مع اللغة المجرية.
و في النهاية، انتقلت إلى مدينة بودابست التي أطلق عليها الآن وطني منذ ما يزيد عن العام والنصف.
و قد قررت أيضاً تعلم لغتهم - وهي واحدة من أصعب اللغات في العالم.
و قد حصلت خلال هذه الرحلة، على مساعدة العديد من الأشخاص.
ولم أتعلم اللغة فحسب، بل تعلمت كذلك ما الذي يصلح وما لا يصلح أثناء تعليم شخص ما لغتك الخاصة. لذلك،
فهذه نصيحتي لجميع الذين يساعدون أشخاصاً على تعلم لغاتهم الأصلية - سواء أكانوا أصدقاء أو زملاء عمل أو شركاء أو آخرين يهمكم أمرهم.
1. استخدم كلمات بسيطة:
من المعروف أن اللغة الإنجليزية تحتوي على حوالي 170,000 كلمة، و ذلك كما نشرها قاموس أوكسفورد الإنجليزي. و مع ذلك، إذا كنت تعرف 2,000 إلى 3,000 كلمة فقط، فإنك ستكون قادراً على فهم ما يقرب من 90٪ من المحادثات الإنجليزية اليومية.
و هذا يعني أن أي متعلم لغة يهتم للكفاءة سيتعلم تلك الكلمات الأساسية المفيدة أولاً. كما أنه يعني أيضاً أنه لن يفهم ما تقول إذا كنت تستخدم كلمات أكثر تعقيداً وتقدماً .
و ربما، بصفتك مواطناً أصلياً، سترى كلمات مثل "استثنائياً - exceptional" و "عظيماً - great" كلمات بسيطة بنفس القدر.
إلا أنها ليست كذلك. لذا ، حاول جعل الكلمات بسيطة قدر الإمكان.
و استخدم "متحمس - excited" عوضاً عن "منتشي - ecstatic"، و"جائع - hungry" عوضاً عن "أتضور جوعاً - starving"، و"سيارة - car" عوضاً عن "مركبة - vehicle".
وحتى لو لم تكن تعني الشيء نفسه بالضبط، فما ستخسره من دقة المعنى، فإنك ستكسبه بجعل نفسك مفهوماً.
و هناك شيء آخر يجب مراعاته ، وهو الأشكال المختلفة للكلمات.
إذ أناللغة الإنجليزية لا تتبع هذه الطريقة ولكن في البرتغالية، على سبيل المثال، نستخدم اللواحق suffixes للتعبير عن الشعور بالاهتمام لما نقوله.
إذ أن ذلك سيكون مألوفاً ورقيقاً أكثر. فمثلاً:
كلمة "Cão" (كلب) تصبح "cãozinho" إذا كنا نتحدث عن جرو صغير، أو إذا كنا نهتم بالكلب الذي نتحدث عنه.
وفي حين أن هذا الأمر يكون طبيعياً تماماً بالنسبة للمواطن الأصلي، إلا أنه ليس كذلك بالنسبة لشخص يتعلم اللغة، و ذلك لأن صوتي "cão" و "cãozinho" مختلفان تماماً،
واستخدام الأخير سيزيد فقط من تعقيد الحديث. لذا ، التزم بصيغة القاموس فيما يتعلق بالأسماء - nouns.
2. تحدث ببطء
يجب أن يكون هذا هو التحدي الأول لأي شخص يتعلم لغة جديدة و قد وصل إلى مستوى متوسط: إذ من المعروف أن السكان الأصليون يتحدثون بطريقة سريعة جداً.
و على سبيل المثال، عندما وصلت مؤخراً إلى المستوى B1 في اللغة المجرية، بدأت في التركيز على مهارات الاستماع لدي.
إلا أن الأمر كان محبطاً للغاية. حيث أنني لم أستطع فهم ما كان يقوله الناس. و قد كان بإمكاني فهم الفكرة العامة وبعض الجمل، ليس أكثر.
و لكن تغير كل شيء عندما بدأت في مشاهدة مقاطع فيديو على موقع يوتيوب لأجانب يتحدثون المجرية.
و لقد دهشت من حقيقة أنني استطعت فهم 90٪ مما كانوا يقولون.و كان ذلك بسبب أنهم : كانوا يتحدثون ببطء ويستخدمون كلمات أبسط.
لذا، إذا كنت تساعد شخصاً ما في دراسة لغتك، فضع هذا دائماً في الاعتبار: تحكّم بنفسك.
و بالطبع بإمكانك ألا تتحدث ببطء شديد إذا كان بإمكان الشخص الآخر فهم اللغة بسرعة أكبر. و لكن لا تتحدث أسرع مما يمكنهم فهمه.
و اسألهم عن تعليقاتهم. وستجد الإيقاع الصحيح بسهولة.
3. لا تتوقع منهم أن يفهموا كل كلمة :
من خلال تجربتي في تعلم اللغة المجرية و التفاعل مع السكان الأصليين، بدأت في ملاحظة الأنماط التي يتحدث بها الناس مع متعلمي اللغة.
فهناك من يتحدث إليك كما لو كنت تتحدث بطلاقة، والتغيير الوحيد الذي سيجرونه على كلامهم هو التحدث بصوت أعلى – وكأنك بهذه الطريقة ستفهم بالتأكيد، أليس كذلك؟
و لكن معظم الناس يفعلون العكس. حيث يتحدثون إليك ببطء ويتوقعون منك أن تفهم كل كلمة يقولونها.
ونادراً ما يكون هذا هو الحال. و هكذا لن تفهم كل شيء، ولكن إذا فهمت 60% أو 70٪، فستحظى بالفعل بفهم جيد لفحوى الرسالة التي يتم نقلها.
و أيضاً، قد لا تفهم كلمةً ما ولكن قد تتمكن من معرفة معناها إذا سمعت بقية الجملة . أو الجملة اللاحقة لها.
لذا، إذا كنت ترغب في مساعدة شخص ما على ممارسة لغتك، فاعمل على توفير إيقاع طبيعي للمحادثة. و لا تتوقف عند كل كلمة.
و قل القليل من الجمل وراء بعضها. و إذا بدا محادثك تائهاً، توّقف. ولكن، إذا لم يكن الأمر كذلك، فاستمر.
وكذلك إذا كنت تحصل على إجابات، ولم تكن بعيدة جداً عما توقعته، فهذه علامة جيدة جداً. و يعتبر هذا النوع من المحادثات مفيد بشكل لا يصدق لأي شخص يتعلم لغة أجنبية.
4. قم بتحفيزه :
لا يجب أن يكون هذا جزءاً من التفاعل الذي يتضمنه تعلم اللغة. غير أنه يلعب دوراً رئيسياً في مساعدة شخص ما على تعلم لغة.
و أذكر أنني و أثناء رحلتي لتعلم اللغة المجرية، فقدت الدافع بعض الوقت. حتى بدأت زميلة في العمل ترسل لي أغنية مجرية كل يوم.
و قد كانت أثناء استراحات الغداء، تتحدث معي أيضاً عن البرامج التلفزيونية المجرية، أو عناصر أخرى من الثقافة القومية.
كما أننا تحدثنا المجرية أحياناً، ولكن ليس كثيراً. إلا أن هذه الدفعات الصغيرة ساعدتني أكثر من أي محادثة مجرية قُمت بها في أي وقت مضى. كما أنها ألهمتني كثيراً .
كلمة أخيرة ...
إذا كنت ترغب في مساعدة شخص ما على تعلم لغتك، فما عليك إلا أن تدمجه في ثقافتك.
كأن ترسل له الموسيقى والأفلام والكتب ... أي شيء يجعله راغباً في معرفة المزيد. إذ أن ذلك سيجعله يتعامل مع اللغة ليس كهدفٍ نهائي وإنما كوسيلة لتحقيق غاية.
و أنا على الصعيد الشخصي أريد أن أتعلم اللغة المجرية لأنني أريد أن أفهم الثقافة المجرية وأن أكون قادراً على التفاعل مع السكان المحليين الذين لا يتحدثون الإنجليزية.
لاشك أنه دافعٌ كبير للتحفيز، وأحد النتائج المبهرة على المدى الطويل.
إن تعلم لغة جديدة أمر مفيد للغاية في النهاية، و لكنه قد يكون متعباً و محبطاً كثيراً أثناء الرحلة نفسها.
إذا كنت تساعد أحد متعلمي اللغة، فعليك أن تظهر له دعمك، وتتأقلم معه، وتحفزه بانتظام. و سيكون الاتساق هو الحل. ولا تنس الاحتفال بالمكاسب الصغيرة.
عزيزي القارئ : في صحتك! أو بأول كلمة تعلمتها باللغة المجرية: "Egészségedre"!
عزيزي القارئ
لأننا نهتم، نتمنى أن تكتب لنا في التعليقات عن المواضيع التي ترغب و تهتم بها لنتمكن من تقديمها لك، لرغبتنا في أن يعبِّر موقعنا عن اهتمامات القارىء العربي.
كما ونرجوا منك مشاركة المقال في حال أعجبك المحتوى.
ننصحك بقراءة المقالات التالية :
تعلم اللغة : كيف تتعلم لغة بطريقة كسولة؟
الأطفال و تعلم اللغة الإنجليزية : كيف أعلم أولادي اللغة الإنجليزية في المنزل ؟