ألزهايمر
مرض ألزهايمر وعلاقته بمرض السكري 

 يطلقون عليه  مرض السكري من النوع الثالث و ذلك لسبب وجيه .

هناك أكثر من 80% من الأشخاص المصابين بمرض ألزهايمر إما يعانون من مرض السكري من النوع الثاني أو قد يعانون من مستويات سكرغير طبيعية في الدم  ، لذا فإن هناك ارتباطاً وثيقاً بين الشرطين اللذين حددهما العلماء لوصف مرض ألزهايمر على أنه مرض السكري من النوع الثالث  type 3 diabetes  .

ويعتبرالدليل الذي يشير الى ربط مرض ألزهايمر بمرض السكري أمراً وجيهاً للغاية ، وهو أمريركز في مجمله على الأنسولين .

والأنسولين هو عبارة عن هرمون يفرزه البنكرياس و ينتجه عند تناول الطعام ، وبشكل أساسى عند تناول الكربوهيدرات .

حيث تتحلل الكربوهيدرات في الأمعاء إلى عناصر من الغلوكوز قبل الدخول إلى مجرى الدم ، و بهذا يتم رفع نسبة السكر في الدم .

 و يعتبر التحكم في مستويات السكر في الدم أمراً واجباً على الشخص الإلتزام به  ، إذ أن النسب القليلة جداً أو الكبيرة جداً منه تؤدي الى مواقف شديدة الخطورة  ، لأنه كلما زادت نسبة  الغلوكوز في الدم زاد إنتاج البنكرياس للأنسولين لخفض هذا الغلوكوز .


مقاومة الأنسولين  Insulin resistance : عندما يفسد سكر الدم

و هذا هو المكان الذي يمكن أن تبدأ فيه الأمور بشكل خاطئ.

إن جسم الإنسان ليس مصمماً للتعامل مع الطوفان المنتظم من مستويات السكر. إلا أنه بإمكانه التعامل مع النسب الكبيرة جداً من السكر ولكن فقط قبل ظهور علامات على عدم  القدرة على احتمال عبء العمل على ذلك .

و تعتبر مقاومة الأنسولين واحدة من تلك العلامات .

و  توصف تلك الحالة بأنها حالة "ما قبل مرض السكري pre-diabetic" التي تنشأ عندما يحدث خلل في عمليات استقلاب الأنسولين .

وهذا يعني  بشكل أساسي أن الأنسولين قد بدأ يفقد تأثيره في الجسم ، و أن الغلوكوز مترسب في الدم بدلاً من معالجته بشكل طبيعي .

و يبدأ الجسم بالشعور بأنه لا يزال هناك الكثير من السكر في الدم ،و يقوم على هذا الأساس بضخ المزيد من الأنسولين في محاولة منه للتعامل مع  ذلك الوضع ولكن تأثيره يكون ضئيلاً أو يكاد يكون معدوماً .

و إذا استمر ذلك لفترة طويلة فإن مقاومة الأنسولين تؤدي إلى مرض السكري .

و يعد سبب تطور مقاومة الأنسولين بسيطاً للغاية .حيث أن تناول المزيد من الأطعمة والمشروبات السكرية والكربوهيدرات مثل (الخبز والأرز ورقائق البطاطس والبسكويت والحلويات وما إلى ذلك) يؤثر بشكل سلبي في النهاية .

و هذا الشكل المبالغ فيه من الأنظمة الغذائية ليس طبيعياً في الأصل ، ومع ذلك فقد أصبح شكلاً طبيعياً لمعظم عاداتنا الغذائية .


من النوع الثانى إلى النوع الثالث من مرض السكري

قد يتبادر إلى أذهاننا السؤال المهم : كيف يمكن أن يكون لهذا صلة بمرض ألزهايمر؟ 

من الممكن أن تتداخل مستويات الأنسولين المرتفعة مع الخلايا العصبية و تؤثر على الوظائف الإدراكية cognitive function ، بما في ذلك وظائف الذاكرة و التركيز .

 "و قد ثبت منذ فترة طويلة أن مرض السكري من النوع الثاني  ( type 2 diabetes) يرتبط بمرض الخرف dementia " .

و تعتبر عملية ارتباط جزيء السكر ببروتين أو جزيء دهني بدون تنظيم إنزيمي Glycation هي الرابط بين مرض الزهايمر ومرض السكر .

وهي عملية تتسبب في تلف البروتينات وذلك عند تعرضها لمستويات مرتفعة من الغلوكوز .

كما تساهم هذه العملية في إنتاج بروتينات ضارة تعرف  باسم " المنتجات النهائية لعملية زيادة معدلات الغلوكوز في الدم ( advanced glycation end-products (AGEs . 

كما تؤدى تلك البروتينات AGEs الى منع الخلايا العصبية من العمل بشكل صحيح ،  وقد توصلت الأبحاث إلى أن أدمغة الأشخاص المصابين بألزهايمر لديهم مستويات مرتفعة من تلك البروتينات الضارة مقارنة بأشخاص آخرين ليسوا مصابين بالمرض.

ومن ناحية أخرى فإن تلك البروتينات تساهم في تكوين " لويحات الأميلويد  amyloid plaques"- ويعد ذلك سمة أساسية لدماغ المصابين بمرض ألزهايمر . 

و باختصار ، يؤدي النظام الغذائي الزائد عن الحد من الأطعمة السكرية والكربوهيدرات المكررة  إلى زيادة مقاومة الأنسولين في الجسم ، والتي يمكن أن تؤدي في النهاية إلى الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني ومرض ألزهايمر لاحقاً.

و من المعلوم أننا قد تعرفنا على هذا المصطلح منذ تسعينيات القرن الماضي عندما بدأت المطبوعات بالظهور ، إلا أنه بدأ للتو في الانتشار .

و قد تمت صياغة مصطلح "داء السكري من النوع  الثالث " لأول مرة من قبل الباحثين الذين كانوا يكتبون في مجلة  مرض ألزهايمر Journal of Alzheimer’s Disease في عام 2005 . و من ثم تجسد فعلياً عندما عرضت مجلة العالم الجديد New Scientist الموضوع على غلاف عدد 1 سبتمبر 2012.


حمية الكيتو ketogenic diet ومرض الزهايمر وداء السكري من النوع الثالث : 

 قد تبدو العلاقة بين مرض السكر و الخرف مقلقة  بعض الشيء ، لكنها توفر أملاً هائلاً ،  وذلك لأن داء السكري من النوع الثانى هو مرض يطلق عليه مرض نمط الحياة ، وبالتالي يمكن تجنبه إلى حد كبير .

فمن خلال التغييرات الغذائية المناسبة يمكنك تجنب إصابتك بمرض السكري من النوع الثاني ،  وفي الوقت نفسه تقليل فرص إصابتك بمرض السكري من النوع الثالث.

و لربما قد سمعت عن حمية الكيتو ،  وهي عبارة عن نظام كان يستخدم في الأصل (ولا يزال) لعلاج الأشخاص المصابين بمرض الصرع .

وفي الواقع ، فإن هذه الحمية تعتبر "علاجاً مثبتاً للصرع المقاوم للأدوية". و هناك دليل على أن الصرع هو اضطراب في الدماغ. .

وهذا النظام الغذائي يعمل بشكل جيد للغاية .

و يعتبر في الأساس نظاماً غذائياً عالي الدهون ومنخفض الكربوهيدرات بحكم طبيعته ، كما يقيد بشكل كبير كمية الأنسولين وبالتالي كمية الغلوكوز في الدم ، بدون أن يقوم بحرق الكربوهيدرات كوقود لذلك ، حيث يقوم الجسم بإنتاج شيء يسمى أجسام "كيتو"  وهي أجسام من الدهون .

تعد حمية الكيتو KD عالية الدهون وقليلة الكربوهيدرات  أبرز مثال على العلاج الغذائي بكفاءة مؤكدة ضد حالة عصبية معينة  .

ولا يتعلق الأمر فقط بالصرع  ،  فقد اتضح أن حمية الكيتو أو النظام الغذائي المنخفض الكربوهيدرات – هي أيضاً فعالة في معالجة حالات الضعف الإدراكي المعتدل (MCI)  و هي مرحلة ما قبل ألزهايمر.

حيث قام العلماء بإعطاء 23 شخصاً مسناً إما نظاماً غذائياً عالي الكربوهيدرات أو نظاماً غذائياً منخفض الكربوهيدرات لمدة ستة أسابيع.

و قد شهد الأشخاص الذين يتبعون نظاماً غذائياً منخفض الكربوهيدرات في نهاية الدراسة تحسناً في أداء الذاكرة اللفظية ، إلى جانب انخفاض في الوزن ومحيط منطقة الخصر .

"و تشير هذه النتائج إلى أن استهلاك كميات منخفضة من الكربوهيدرات حتى على المدى القصير ، يمكن أن يحسن وظيفة الذاكرة لدى كبار السن الذين لزيادة خطر الإصابة بمرض ألزهايمر  ".


كيف تعمل حمية الكيتو ؟  

هناك أمران محتملان لهذه النتائج الرائعة لهذا النظام 

  1. الاحتمال الأول :
    قد يؤدي ارتفاع مستوى الدهون في النظام الغذائي إلى إصلاح تلف الخلايا الدماغية  ، كما  توفر الكيتونات المنتجة من الدهون وقوداً بديلاً للدماغ ، بدلاً عن الغلوكوز .

  2. الاحتمال الثاني :
    هو أن عدم وجود السكر والكربوهيدرات المكررة في النظام الغذائي يساهم في عملية الشفاء ويمنع المزيد من الضرر .

و هناك شيء آخر رائع في حمية الكتيو  . إذ تصنع "الكيتونات في الكبد" ، إما من الدهون التي تقوم بتناولها أو من الدهون التي قمت بتخزينها  ،  لذلك عندما تتحول إلى نظام غذائي منخفض الكربوهيدرات ، يبدأ جسمك في حرق مخزون الدهون لديك ، وبالتالي تبدأ بنقصان الوزن . 

جدير بالذكر أن حمية الكيتو لا تقلل من إفراز الأنسولين وخطر الإصابة بمرض الزهايمر فحسب ، بل إنها تساهم أيضاً في إنقاص الوزن وهذا شيء رائع. 


 أبق الأمر بسيطاً

إذا كنت تتمتع بصحة جيدة ، ولكنك تريد فقط تقليل خطر الإصابة بمرض السكر ومرض ألزهايمر في وقت لاحق من حياتك ، فلن تحتاج إلى اتباع حمية الكيتو بصرامة مطلقة ،  وما عليك سوى اجتناب كل تلك الكربوهيدرات غير الضرورية وغير الصحية أيضاً ، خاصة أي شيء يحتوي على سكر مضاف  بما في ذلك المشروبات الغازية  ،  حتى الأنواع الخالية من السكر ،و المحلاة بالمحليات الصناعية ، تتسبب في إفساد نسبة السكر في الدم لديك .

 وأذكرك عزيزي القارئ لا أحد يحتاج إلى السكر، أي لا يحتاج أحد إلى الكعك المحلى والحلويات والبسكويت والصودا وما الى ذلك،و لكن جسمك يحتاج فقط إلى طعام حقيقي وصحي ، كما أنك تحتاج إلى الكثير من البروتين مثل اللحوم والأسماك والبيض والجبن  ، والكثير من الخضروات لتتوافق مع هذا البروتين .


متطلبات النظام الغذائي البشري بسيطة بشكل مذهل 

 هناك شيء آخر يمكنك القيام به، و هو تجنب تناول الوجبات الخفيفة بين الوجبات الأساسية .

و بصرف النظر عن كونها غير ضرورية للمتطلبات الغذائية ، فإن تناول الوجبات الخفيفة يعني تحفيز الجسم لإنتاج الأنسولين بطريقة مستمرة .

لأنك و  من خلال الامتناع عن تناول الوجبات الخفيفة  فإنك تمنح البنكرياس قسطاً من الراحة ، ويتيح لجسمك البدء في حرق الدهون للحصول على الطاقة .


و أخيراً …

إن مرض الزهايمر مرض معقد وهناك العديد من الأسباب المحتملة للإصابة به.  ولكن مع ارتفاع حالات الإصابة بمرض ألزهايمر والسكري من النوع الثاني في وقت واحد و بمعدل ينذر بالخطر ، فإن تبني أنظمة غذائية قد تزيد من إفراز الغلوكوز و إفراز الأنسولين أمر لا يفكر فيه أي شخص يتطلع إلى الحفاظ على صحة جيدة في وقت لاحق من حياته .



عزيزي القارئ

لأننا نهتم، نتمنى أن تكتب لنا في التعليقات عن المواضيع التي ترغب و تهتم بها لنتمكن من تقديمها لك، لرغبتنا في أن يعبِّر موقعنا عن اهتمامات القارىء العربي.

كما ونرجوا منك مشاركة المقال في حال أعجبك المحتوى.  


   ننصحك بقراءة المقالات التالية :

ألزهايمر: قد يشير قلة النوم العميق إلى تطور مرض ألزهايمر

علاج ألزهايمر : يمكن أن دواء شائع لـ الربو في علاج ألزهايمر

يمكن أن تعتبر علامات الالتهاب إنذاراً مبكراً لـ الخرف أو ألزهايمر


المصادر


الوسوم



المؤلف

هدفنا إغناء المحتوى العربي لأن القارئ العربي يستحق المعلومة الصحيحة والمفيدة، و التي تنشر الآن في أهم المواقع العالمية ،


التعليقات

    • الأن