الطفل
الطريقة الصحيحة والطريقة الخاطئة لمدح الطفل

صيغة مدح الطفل هي كل شيء..في مرحلة ما قبل المدرسة في حياة الطفل قد تجده يرسم صورة لك تبدو فيها مثل رقائق البطاطس، ومن الطبيعي

وقتها أن تبادر إلى مدحه لتقول مثلاً " واو يالها من رسمة جميلة، أنت فنان جيد وموهوب"، لكن نصيحة قبل أن تفعل ذلك فكر أولاً في كلماتك، فاختار الكلمات المناسبة لمدح طفلك الصغير، فقد يكون لها أثرها في اسعاد طفلك وجعله يعمل بجد.

حيث أشار الباحثون مؤخراً إلى أن مدح الطفل بالطريقة الخاطئة قد يجعلهم أقل حماساً وربما أكثر إحباطاً، أو قد يحولهم المدح الخاطئ أيضًا إلى شخصيات نرجسية، أو قد يشعرون باحتقار أنفسهم.

هل للمدح أثر سلبي على الطفل؟

يقول عالم النفس التطوري بجامعة أكرون University of Akron  شانون زينتال Shannon Zentall ، نحن نميل بشكل عام على مستوى العالم وبشكل خاص على مستوى الولايات المتحدة إلى النظر للمدح على أنه أمرٌ جيدٌ، ولكن لا نعلم التأثير السلبي الذي ينتج عن التركيز على الصفات الفطرية للطفل مثل أنت طفل ذكي جداً، أو أنت رائع حقاً في الرياضيات، ولا نصدق أن هذه الكلمات قد تكون ضارة بشكلٍ كبيرٍ جداً له.

وقد يكون هذا الضرر راجع إلى الإشارة المباشرة إلى أن هذه الصفات التي مُدح بها الطفل أساسية لهوايته، وسوف يكون الوضع أسوء إذا كان هؤلاء الأطفال الذين يستمعون لهذا المدح أقل ثباتاً بعد الفشل، لذلك يتجنبون المهام الصعبة لصالح المهام الأسهل، خوفاً من أن يهدم فشلهم تلك الهوايات. 

و في هذا الخصوص قام زينتال Zentall مع مساعده برادلي موريس Bradley Morris بإجراء دراسة سنة 2012 على مجموعة أطفال ، وقد تم استخدم تكنولوجيا التتبع بالعين لإظهار تأثير الثناء (المدح) على هذه المجموعة من الأطفال عندما يستمعون للمديح، ولكن هذه النظرية ركزت أكثر على الأخطاء في الرسم، وقد ارتبطت هذه الفكرة بالنظرية العقلية التي تطورت على يد عالمة النفس في جامعة ستانفورد كارول دويك Carol Dweck ، التي أشارت إلى أن العقلية الثابتة تشير إلى أن القدرات فطرية وغير قابلة للتغيير، ولكن الثناء يختلف عن هذا تماماً.

 وعلى النقيض من هذا الأمر، فإن الثناء يركز على ما فعله الطفل مثل قول "يجب أن تكون قد درست بجد لاختبار الرياضيات هذا" أو أن تقول "عملٌ جيد". فقد أظهرت الأبحاث التي شاركت فيها هذه العالمة، إلى أن سماع الأطفال لمثل هذا الكلام، يزيد من دافعيتهم لأداء العديد من المهام المستقبلية.

ووفقاً لما جاءت به النظرية العقلية، فإن عملية الثناء على الطفل قد تساعده في نمو الطف، عكس العقلية الثابتة، أي عقلية النمو والتي تقوم على فكرة أن هؤلاء الأطفال يستطيعون وفقاً لهذه النظرية الاعتقاد والإيمان بأن قدراتهم قابلة للتطوير والتنمية مع مرور الوقت.

كما قامت العالمة دوك بالاشتراك مع زملاؤها بتصوير مجموعة من أولياء الأمور أثناء تفاعلهم من أطفالهم بالمدح والثناء على إنجازاتهم في الرياضيات، وبعد سنوات قامت بتقديم هذا التقرير أو الاستبيان إلى نفس هؤلاء الأطفال الذين سمعوا الكثير من الثناء في هذا اليوم، وقد وجدت أن هؤلاء الأطفال أصبحوا الأن يمتلكون عقلية موجهة نحو النمو وذلك في الصف الثاني أو الثالث، أما في الصف الرابع فقد أصبح هؤلاء الأطفال أنفسهم أفضل بكثير فيما يتعلق بفهم الرياضيات والتعامل معها ومع القراءة أيضاً.

لابد أن يركز الثناء على أفعال الطفل أكثر من صفاته

بالإضافة لما سبق فقد وجدت دراسة أخرى من زينتال Zentall وموريس أنه عند سماع الأطفال أنواع متعددة من الثناء، يمكن أن تكون عملية الثناء محفزة، ولكن في حالة أخرى قد تكون سبباً في وقف استمرار الطفل، الفكرة التي قد تكون مخيفة للعديد من الآباء، ولكن الموضوع ببساطة يقوم على الفكرة التالية كقاعدة عامة، إن الثناء على جهود وأفعال الطفل أفضل كثيراً من الثناء على صفاته

تماماً كما سبق وأشرنا في مثال رقائق البطاطس، ليس هذا فقط فمن جهة أخرى إذا استبدلت هذه الكلمات بكلمات أخرى مثل "لقد قمت بعمل رائع بشكل لا يصدق"، فإن هذا الأمر أيضاً قد يسبب ضغط كبير على الطفل.

بمعنى أنه "عندما تخبر الأطفال بأن ما قاموا به جيدٌ جداً بشكل لا يصدق، فإن هذا الأمر يزيد من الضغط عليهم لفعل ما هو جيدٌ بشكلٍ لا يصدق طوال الوقت"

وفي عام 2014، نظر زينتال وموريس إلى أنواع أكثر عمومية من الثناء، حيث تلقى مجموعة أطفال في رياض الأطفال الثناء والمدح في العمل أو مدحاً لشخص معين، وقد وجد أن الأطفال الذين حصلوا على المدح عن طريق الإيماءات البسيطة مثل هؤلاء الذين حصلوا عليه بشكل مباشر

ومن هنا تم التوصل إلى أثر التشجيع والثناء الغامض و غير المباشر له دوره أيضاً، مادام لا يتم بشكل مستمر يدفع الطفل لتجاهله أو أن يعتبر ه شيء عادي.

الثناء المبالغ فيه يقلل من احترام الطفل لنفسه

إن العديد من الآباء والأمهات لا يستطيعون منع أنفسهم من مدح أطفالهم بشكل كبير، عندما يشعرون باحتقار أطفالهم لذاتهم وعدم الإيمان بما يمتلكون من قدرات، وقتها يقوم الأهل بإعطاء جرعة كبيرة بشكل مبالغ فيه من الثناء لهؤلاء الأطفال بقصد التخفيف عنهم. وعلى الصعيد نفسه وجد أحد علماء النفس بجامعة أمستردام وهو يدعى إيدي بروميلمان Eddie Brummelman ، أنه بدلاً من الثناء على الطفل بقول "لقد قمت بالرسم بشكل لطيف"، يتم الثناء عليه بطريقة أخرى وهي "لقد قمت بالرسم بشكل لطيف ولا يصدق"، أو بدلاً من أن يقوم الآباء بإخبار أطفالهم بأنهم قاموا بأداء جيد، يقولون لهم لقد كان أدائكم جيد بشكل لا يصدق.

ولا يعلم هؤلاء الآباء للأسف بأن الثناء المبالغ فيه والمتضخم لهذا الحد، يقلل من احترام هؤلاء الأطفال لأنفسهم، ويؤدي أيضاً إلى تجنبهم التحديات، وقد أضاف أيضاً بروميليان، أنه عندما يتم إخبار الأطفال بأنهم حققوا أداءً جيداً بشكل لا يصدق، فإنهم:

  • يشعرون بالضغط لفعل الأمر نفسه بشكل جيد ولا يصدق كما وصفه الآباء من قبل للحصول على الثناء نفسه.
  • إلى جانب خوفهم من عدم القدرة على أداء العمل بالمستوى نفسه الذي وصف به.
  • ليس هذا فقط بل أن الثناء المتضخم للطفل أيضاً يزيد من سمات النرجسية للأطفال حتى وإن كان تقديرهم لأنفسهم منخفض.

كانت هذه القواعد الأساسية التي تدور حولها عملية الثناء وحول ما لا يجب قوله بخصوص هذا الأمر، الأمر الذي قد يسبب الخوف والقلق من قبل الآباء حول كيفية الثناء، والحذر أيضاً عند التعامل مع هذه العملية، ولكن رغم ذلك يقول بروميلمان بأنه لا يجب أن يتوقف الآباء عن المدح والثناء على أطفالهم، لأن هذا الامر يشعر الأطفال بمدى الفخر بما قاموا به، كل ما علي الآباء أن يفعلوه فقط، أن يبقوا مدحهم صادق وغير مبالغ فيه ويناسب العمل الذي قام به الطفل.

التشجيع الصادق أفضل من الثناء و المدح

قد يشير البعض الأن إلى أنه من الصعب قول الأشياء بطريقة صحيحة في بعض الأحيان، لأنها لا تخرج بشكل طبيعي وبتفكير سليم في كثير من الحالات، ولكن رغم ذلك احرصوا عندما تقومون بمدح الأطفال على أن تركزوا على التشجيع دون استخدام المدح لهم، تماماً كما كانت تقول زينتال، بأنها عندما عاد طفلها إلى المنزل يشكو من فشله في الرياضيات كانت تكافح لتشجيعه دون استخدام المدح الكاذب معه والمبالغ فيه.

وفي النهاية يجب أن نشير إلى ضرورة عدم اتباع الآباء أسلوب أو مستوى الكمال المستحيل في المدح، والاستعاضة عن ذلك بأسلوب يعطي أطفالهم ملاحظات صحيحة ومناسبة للموقف دون مبالغة وتضخيم.

المصدر



المؤلف

هدفنا إغناء المحتوى العربي لأن القارئ العربي يستحق المعلومة الصحيحة والمفيدة، و التي تنشر الآن في أهم المواقع العالمية ،


التعليقات

    • الأن
إشترك الآن

احصل على أحدث المواضيع و تواصل و اترك تأثير.

تسجيل الدخول مع فيسبوك تسجيل الدخول مع جوجل