تركواز بوست
ربما تكون ذكرياتنا الأولى محض خيال

تقول دراسة أنه إذا كانت ذكريات الطفولة و التي تعود إلى سن الثانية أو ما قبلها فإن هناك احتمال أو إمكانية كبيرة لأن تكون هذه الذكريات غير حقيقية .

هل تعتقد حقاً أنك تتذكر تغيير الحفاض لك ؟ أو أخذ زجاجة الحليب أو حتى – لا سمح الله – إجراء عملية الختان لك ؟ ... فكر ملياً مرة أخرى بهذه الأمور و ستجد أن هذه الاحتمالات تتعارض بشدة مع شرعية مثل هذه الذكريات و صحتها . و في الحقيقة ، إن الأبحاث التي صدرت من مدينة لندن  ، و تحديداً تلك التي نشرت نتائجها في مجلة العلم النفسي " psychological science قد وجدت أنه من المرجح أن يكون ما يقرب من 40 في المئة من الذكريات الأولى غير صحيحة إطلاقاً . 

و يعود ذلك إلى أن الأشخاص الذين   تم استجوابهم بشأن ذكرياتهم الأولى ، اعتمدوا على ادعاءاتهم بأن هذه الذكريات تعود إلى وقت مبكر جداً من حياتهم . 

و لقد لوحظ بالعودة إلى هذه الدراسة الواسعة النطاق و المستندة إلى شبكة الإنترنت ، أنه و من أصل 6464  مشاركا ً في هذه الدراسة وجد أن  2487 مشاركاً أي ما تقدر نسبته بحوالي ال 40 في المئة قد زعموا أن ذكرياتهم الأولى كانت بعمر السنتين و أقل .

في الواقع ، لقد سجل 893 مشتركاً بهذه الدراسة ملاحظاتهم حول ذكرياتهم أنها كانت بعمر السنة و أقل . و هذا يتناقض تماماً و بشكل مطلق مع مجموعة من الأبحاث الحالية ، الأمر الذي يقودنا إلى الاعتقاد أن سن التشفير أو ترميز المعلومات -  وهو تخزين المعلومات ومن ثم استعادتها -  " The age of encoding " يتراوح ما بين سن الثالثة و الثالثة والنصف من عمر الطفل . و كتب الباحث المؤلف في هذه الدراسة كونواي " Conway "  قائلاً : " إن الفكرة المؤكدة هي أن توزيع الذكريات و تصنيفها في الفترة الوسطية من عمر الطفل عند تشفير المعلومات يتم اقتطاعها ، مع وجود عدد قليل جداً من الذكريات أو حتى انعدامها بالرجوع إلى مرحلة غياب اللغة المحكية  " preverbal period " و التي لم يكن فيها الطفل قد تعلم الكلام ، و تلك هي المرحلة العمرية دون سن العامين " .

حسناً ، لا أحد يشير إلى أن أولئك الذين يملكون ذكريات مبكرة جداً يقومون باختلاق الأكاذيب أو تلفيق هذه الذكريات . في الحقيقة

، يعتقد الأشخاص الذين أجريت معهم هذه المقابلات بأن ذكرياتهم الأولى كانت حقاً في أعلى مستوياتها . بينما يفترض الباحثون أن هناك عوامل عديدة تلعب دوراً هاماً في عملية التذكر الخاطئة أو الغير مكتملة ، حيث يتمثل العامل الرئيسي في تحديد تاريخ الذكريات الأولى بشكل خاطئ . أما بالنسبة للآخرين ، فالأمر مختلف . حيث يتحول تجميع أجزاء الذكريات و المعلومات عن طريق الآخرين و بمرور الوقت إلى صورة تبدو حقيقية جداً لشيء لم يكن من الممكن لهم أن يتذكروه من تلقاء أنفسهم .

و يشرح لنا المؤلف المشارك في هذه الدراسة مارتن كونواي " 

Martin Conway " -مدير مركز الذاكرة والقانون في المدينة 

the Centre for Memory and Law at City " ، جامعة لندن " University of London,

 " – كيف يبدو ذلك في مؤتمر صحفي قائلاً : " عندما قمنا بدراسة ردود أفعال المشاركين في هذه التجربة ، وجدنا أن كثير من هذه  " الذكريات " الأولى كانت في الغالب ترتبط بمرحلة الطفولة ، حيث يقوم المثال النموذجي لتلك الذكريات بالاستناد إلى ذكرى تتمحور حول " عربة أطفال " " 

pram "  "و يتابع مارتن حديثه : " حيث أن هذا النموذج من الذكريات بالنسبة لهذا الشخص كان نتيجة لقول شخص ما لشيء ما مثل " كان لدى الأم عربة أطفال خضراء كبيرة "  . ثم يقوم هذا الشخص بتخيل 

ما كانت ستبدو عليه هذه العربة ، و بمرور الوقت ستجتمع هذه الأجزاء الصغيرة مكونة ذاكرة معينة ، و في الغالب سيقوم هذا الشخص بالبدء بإضافة أشياء فيما يشبه سلسلة من الألعاب تتطور بشكل هرمي نحو قمة الذكرى " .

ومن المثير للاهتمام ، أن  هذه الدراسة قد وجدت أن المشاركين في هذه التجربة ممن كانوا يمتلكون 

ذكريات مبكرة للغاية هم أشخاص كانوا في منتصف العمر أو أكبر من ذلك  . و لقد ركزت الذكريات

 الأولى بشكل كبير على البالغين الأصغر سناً .حيث يعتقد الباحثون أن الأشخاص الأكبر سناً لديهم ما يكفي من الوقت ، الأمر الذي يمنحهم فرصة ليقوموا بدمج الذكريات التي تعود للأشخاص الآخرين بقصص حياتهم الخاصة . ولاحظ الباحث المؤلف كونواي " 

Conway " ، أن الأشخاص كانوا يميلون في الغالب إلى عدم تصديق الذكريات الأولى عندما كان يتم إخبارهم أن على هذه الذكريات  المبكرة 

أن تكون خيالية محاكة في قالب قصصي . و يؤكد كونواي هذه المعلومة بقوله : " يعود السبب في ذلك جزئياً إلى حقيقة أن الأنظمة التي تسمح لنا بتذكر الأشياء معقدة للغاية ، و أن هذه الأنظمة لا تسمح لنا بتشكيل ذكريات شبيهة بذكريات البالغين حتى بلوغ الخامسة أو السادسة من العمر ، وذلك بسبب الطريقة التي يتطور بها الدماغ بالإضافة إلى فهمنا الناضج لهذا العالم " .   


الوسوم



المؤلف

هدفنا إغناء المحتوى العربي لأن القارئ العربي يستحق المعلومة الصحيحة والمفيدة، و التي تنشر الآن في أهم المواقع العالمية ،


التعليقات

    • الأن
إشترك الآن

احصل على أحدث المواضيع و تواصل و اترك تأثير.

تسجيل الدخول مع فيسبوك تسجيل الدخول مع جوجل