- 7 August 2021
- أول نشر 11 June 2020
- تكنلوجيا
جيهان خالد الدعاس- 1486
هل سيستولي الذكاء الاصطناعي على السلطة و يتولى مهام كل شيء ؟ تشير نظرية الكم إلى خلاف ذلك
شغلنا حديثاً سؤال ربما دار في أذهان معظمنا : هل سيتفوق الذكاء الاصطناعي في يوم من الأيام على التفكير البشري؟
لقد أثار التقدم السريع للذكاء الاصطناعي ، إلى جانب خوفنا القياسي من الآلات ، مخاوف من أن قدراتها ستبدأ يوماً ما في النمو بشكل لا يمكن السيطرة عليه ، مما سيؤدي في النهاية إلى السيطرة على العالم والقضاء على الإنسانية إذا قررت أننا عقبة أمام أهدافها .
و يشار إلى هذه اللحظة عادةً باسم "تفرد الذكاء الاصطناعي AI singularity " السنجلرتي الخاص بالذكاء الاصطناعي.
التنبؤ بالمستقبل غير ممكن وفقاً لنظرية الكوانتم
تعتمد إحدى الحجج ضد احتمال وجود مثل هذا الذكاء الفائق ، الذي لا يمكن وقفه و تناميه إلى أجل غير مسمى ، هو أنه سيحتاج ، بحكم تعريفه ، إلى القدرة على التنبؤ بالمستقبل بدقة.
و تقول نظرية الكم quantum theory ، و التي تعتبر إحدى الطرق الرئيسية للعلم الحديث لتفسير الكون ، أن التنبؤ بالمستقبل قد لا يكون ممكناً لأن الكون عشوائي.
و لكن ماذا لو كنا نعتقد فقط أن التنبؤ بالمستحيل مستحيل لأننا لسنا أذكياء بما يكفي لمعرفة خلاف ذلك؟
يعتبر الذكاء مفهوماً معقداً للغاية و مجرّد بدون تعريف متفق عليه.
و مع ذلك ، فهناك اتفاق مشترك حول بعض المكونات التي تشكل كل نوع من الذكاء المعروف.
و تعد القدرة على حل المشاكل واحدة من هذه المكونات ، و التي تتطلب القدرة على التخطيط من خلال توقع المستقبل. إذ أنه و من أجل حل مشكلة ما ، من المهم فهم الظروف الحالية ، و التنبؤ بكيفية تطور البيئة ، و التنبؤ بنتائج الإجراءات التي سيتم تطبيقها.
الكون العشوائي Random universe :
تشير النظريات الحديثة في الفيزياء إلى أن الكون فوضوي و عشوائي للغاية.
و لنأخذ على سبيل المثال العناصر الكيميائية غير المستقرة التي تتعرض في نهاية المطاف لتحلل إشعاعي متحولة بذلك التعرض إلى مادة أخرى.
إذ يمكنك تقدير المدة التي ستستغرقها كمية معينة من هذا العنصر لتتحلل ، ولكن لا يمكنك أن تقول على وجه اليقين متى سيحدث تحلل أي ذرة واحدة منه.
و بالمثل ، فإنه بإمكانك يمكنك قياس موضع أو زخم الجسيم ، و لكن -و لأسباب معينة تتعلق بنظرية الكم - لا يمكنك معرفة كليهما في نفس الوقت بدقة كاملة. (و هذا ما يُعرف بمبدأ عدم اليقين لدى هايزنبرغ Heisenberg’s uncertainty principle ).
و يقترح الفيزيائيون أن الكون -بعد مستوى معين من التفاصيل- غير قابل للتنبؤ به في نهاية المطاف ، و فوضوي أيضاً، و غير مستقر وذلك على افتراض أن النظريات السابقة صحيحة .
و هذا يعني أن أي نوع من الذكاء المتنامي سيصل في النهاية إلى نقطة لم يعد بإمكانه تحسين تنبؤاته للمستقبل. و بالتالي لا يمكنه أن يزداد ذكاءً.
و بعبارة أخرى ، فإنه لا يوجد خطر من نفاذ الذكاء الاصطناعي، لأن القوانين الفيزيائية للكون تفرض بعض القيود الصارمة المقيدة للغاية.
و على سبيل المثال ، فإنه و نظراً للقيود المعروفة على إمكانية التنبؤ بالطقس ، لن يتمكن نظام الذكاء الاصطناعي من التفوق على البشر من خلال استغلال تنبؤات الطقس الدقيقة للغاية على المدى الطويل للتخطيط للإجراءات المستقبلية.
الوجه الآخر للقضية
قد يكون من المريح للغاية الاعتقاد بأن طبيعة الكون -إلى حد ما- تمنع تصعيد أو نمو الذكاء الاصطناعي.
و لكن هناك منظور بديل لذلك . فماذا لو كان البشر ينظرون إلى الكون على أنه عشوائي و فوضوي فقط لأن قدراتنا المعرفية و المنطقية محدودة للغاية؟
إذ أننا و في نهاية المطاف على دراية ببعض حدود الفهم البشري ، و لكن لإعادة صياغة كلام دونالد رامسفيلد Donald Rumsfeld ، فإننا لا نعرف ما لا نعرفه.
و إذا أخذنا هذا المنظور بعين الاعتبار ، فقد يكون الأمر أن الكون حتمي بدلاً من ذلك ، و بالتالي يمكن التنبؤ به بالكامل.
و لكن بطريقة معقدة للغاية لا يمكننا نحن البشر فهمها. و قد جادل ألبرت أينشتاين Albert Einstein بأن نظرية الكم كانت وصفاً غير مكتمل للكون و أنه يجب أن تكون هناك متغيرات خفية لم نفهمها بعد و لكنها تحمل المفتاح لتحديد الأحداث المستقبلية.
قد يكون الذكاء المتقدم للغاية (و الذي يمكن أن يصل إليه الذكاء الاصطناعي)، في وضع يسمح له بالكشف عن متغيرات الكون المخفية ، و بالتالي فهم الطبيعة التي يمكن التنبؤ بها للكون ، وإطلاق العنان للإمكانات الكاملة للآلة.
و هذا من شأنه أن يقلب الطاولة على إمكانية تفرد منظومة الذكاء الاصطناعي (السنجلرتي الخاص بالذكاء الاصطناعي).
و قد يكون الذكاء المتقدم للغاية super-advanced intelligence في وضع يسمح له بالكشف عن هذه المتغيرات المخفية ، وبالتالي فهم الطبيعة التي يمكن التنبؤ بها للكون ، وإطلاق العنان للإمكانات الكاملة للآلة.
كما تجدر الإشارة إلى أن مناهج الذكاء الاصطناعي تُستخدم بالفعل لإجراء الاكتشافات تلقائياً في الفيزياء.
أما على المستوى العملي ، فلا يبدو السنجلرتي "التفرد" singularity ، معقولاً بالنظر إلى مدى محدودية الذكاء الاصطناعي التي ماتزال موجودة على أرض الواقع.
و قد تم تحقيق اختراقات حديثة في الذكاء الاصطناعي من خلال ما يُعرف بالذكاء الاصطناعي الضيق narrow AI ، المصمم لأداء مهمة محددة جيداً، مثل لعب الشطرنج أو قيادة السيارة.
و في حين أن الذكاء الاصطناعي الضيق يمكن أن يتفوق على البشر في بعض المهام ، إلا أنه لا يوجد الكثير مما يوحي بأن المزيد من الذكاء الاصطناعي العام general AI الذي يمكن أن يحاكي قدرة البشر على الاستجابة للعديد من المهام المختلفة، ستتم ولادته و الذي بدوره سيُعرِّض البشر للخطر في المستقبل القريب.
و لكن، و على الرغم من ذلك فإنه من غير الممكن استبعاده تماماً .
و نظراً لأنه لا يزال لدينا معرفة محدودة بطبيعة الكون وقوة الذكاء الاصطناعي ، فربما سيكون من الأفضل اللعب بأمان.
و حتى بدون وجود التفرد ، فسيكون للذكاء الاصطناعي تأثير كبير على المجتمع البشري.
ففي النهاية ، نحن بحاجة إلى العمل بجد قدر الإمكان لضمان أن يكون الذكاء الاصطناعي مفيداً للبشرية وليس مصدر تهديد لها .
عزيزي القارئ
لأننا نهتم، نتمنى أن تكتب لنا في التعليقات عن المواضيع التي ترغب و تهتم بها لنتمكن من تقديمها لك، لرغبتنا في أن يعبِّر موقعنا عن اهتمامات القارىء العربي.
كما ونرجوا منك مشاركة المقال في حال أعجبك المحتوى.
ننصحك بقراءة المقالات التالية :
الذكاء الاصطناعي في مجال الرعاية الصحية
الذكاء الاصطناعي AI .. ساحة المعركة الجديدة
المصادر
الوسوم
المؤلف
باحثة في أخبار التكنلوجيا و علوم الذكاء الاصطناعي
