المقارنة الاجتماعية : لماذا نقارن أنفسنا دائماً بالآخرين؟ ما هي الحقيقة وراء ذلك؟

المقارنة الاجتماعية
المقارنة الاجتماعية : لماذا نقارن أنفسنا دائماً بالآخرين؟ ما هي الحقيقة وراء ذلك؟

إن المقارنة الاجتماعية لها جانبين صحي و غير ذلك و لكن غالباً ما تتم المقارنة الاجتماعية بدوافع الخوف و عدم الأمان أو بدافع الرغبة في التحسن. ما رأيكم أن نستكشف هذه القضية سويةً.

و بالتأكيد فإن أكبر الأسباب التي تؤدي إلى معظم مشاكلنا الداخلية و الخارجية تكمن في الخوف و انعدام الأمن.

فدائماً ما نخشى أنه إذا عرفنا الآخرون حقاً فلن يحبوننا و لن نحظى بإعجابهم. إننا نفشل في تقدير قيمتنا الحقيقية، بينما نفكر في ذات الوقت في أنفسنا بشكلٍ أكبر مما ينبغي لنا. يا لها من مفارقة غريبة يعيشها معظمنا!

عندما ندرك أفكارنا و أوجه القصور الخاصة بنا، فإننا نميل إلى التركيز على تلك الأشياء.

إذ أن الإعلانات تلفت النظر إلى افتقارنا إلى الأسنان البيضاء و رائحة الفم الكريهة و تساقط الشعر و مجموعة متنوعة من العيوب الجسدية الأخرى الشائعة بيننا جميعاً.

إن هذا النوع من المقارنة الاجتماعية غالباً ما يكون مؤلماً و نادراً ما يحدث أي تغيير حقيقي في حياتنا.

و هذا لأنه يجعلنا نشعر مباشرةً بالهزيمة.

و لكن الحقيقة هي أننا نعيش بالفعل داخل مفارقاتٍ مختلفة. إننا جيدون بما فيه الكفاية - لكن يمكننا أن نصبح أفضل.

و يمكن أن تكون مقارنة أنفسنا بالآخرين أداةً قوية، بيد أن الفارق الحقيقي يكمن داخل القلب.

فهل نحن نقارن بدافع الخوف و انعدام الأمن – أم بدافع الرغبة في التحسن؟

تكشف المفارقتان الآتيان عن سبب وجوب التوقف عن مقارنة أنفسنا بالآخرين.

مفارقة 1: المقارنة الاجتماعية القائمة على الخوف و عدم الأمان

من الواضح أن هذا هو الجانب الضار من المقارنة الاجتماعية. ففي الماضي، كان يُطلق على هذا الجانب، الطمع فيما يمتلكه الآخرون. إذ نشعر بالغضب عندما يحصل شخص ما على الترقية قبلنا، أو على من يمتلك سيارةً جميلة، أو من لديه مهارة أو موهبة نتمنى أن نحظى بها.

و يمكن أن يدفع بنا الإحساس القوي بأننا نستحق ما هو أكثر، إلى الخوف من أننا لن نكون جيدين بما يكفي، أو أننا نستحق ببساطة ما يملكه الشخص الآخر.

و غالباً ما يؤدي هذا الخوف إلى استياء كبير، و هو أمر قد يؤدي إلى الشعور بالمرارة إذا لم تتم السيطرة عليه.

فالمرارة عاطفة خطيرة. إنها تدفعنا إلى إقامة حفلات هائلة لاستدرار الشفقة.

و في كثير من الأحيان، يدفعنا هذا الشعور بالمرارة إلى اصطياد أخطاء الأشخاص التي نجعلها ذريعةً لتفسير عدم استحقاقهم لما يمتلكون.

و عندما تشتد المرارة، يتبعها الغضب. و بالتأكيد فإن كثيراً من الذين يقعون في هذا الفخ يتوقون لرؤية هؤلاء الأشخاص يتعرضون للسرقة.

و كذلك عندما نعيش بدافعٍ من الخوف و عدم الأمان، تبدو الحياة كلها ميؤوس منها و بلا أمل. و تبدأ أفكارنا في التمحور حول فكرة أننا لسنا جيدين أبداً بما فيه الكفاية و قد نبدأ حتى في الاستسلام.

و الأمثلة في عالمنا وفيرة. على سبيل المثال، يحقد الزوج السابق على سعادة زوجته السابقة و يجد عيوب متعددة في العشيق الجديد وغيرها من الأمثلة.

إننا نشعر أن الطرف الآخر لن يكتفي بنا أبداً، لذلك فإننا نقوم بالحد الأدنى من الأشياء من أجل البقاء.

لم تتم ترقيتنا أبداً ، و لم تتحسن صحتنا أبداً ، ولم نتمتع أبداً بفرحة الحياة العائلية.

و لا يمكن أن يكون هناك سعادة، طالما أن المرارة هي جوهر الوجود.

و ستبدو الحياة كأنها مضيعة. و مع ذلك، يمكن أن نعلق هنا داخل هذا التناقض مدى الحياة بينما يأكل الحقد نفوسنا.

و ستموت عواطفنا و دوافعنا ببطء و نموت بينما نتمتم، "ماذا لو ...".

المفارقة 2: المقارنة الاجتماعية بدافع الرغبة في التحسن

إن مشاهدة شخص ما يقوم بما يفعله بشكلٍ رائع لهو أمر مذهل. 

أتذكر أنني شاهدت رجلاً أتقن قواعد النظم الديمقراطية تماماً. و لم تكن الاجتماعات التي كان يقودها منظمةً فحسب، بل كانت مؤثرة و رائعة كذلك.

و لكي أكون صادقاً، نادراً ما كنت غريب الأطوار أو مولعاً بالدراسة بما يكفي للوصول إلى مستوى إجادته.

و لكن رؤيته يدير الاجتماع جعلتني أريد أن أكون أفضل في إدارة الاجتماعات. شعرت بالحماس. 

يمكنك أن تفكر في كيفية شعور الرياضي بالقيام بما يُقال إنه مستحيل. 

ألا يدفعك هذا إلى الرغبة في الاستيقاظ مبكراً، أو التمرين لفترة أطول قليلاً، أو الدراسة بجدٍ أكبر؟ ومرةً أخرى، لكي أكون صادقاً تماماً، ليس من الضروري أن يوجد أشخاص حقيقيون يقومون بأشياء رائعة لإثارة حماسي.

إذ تملئني مشاهدة الأفلام لنجوم الحركة المشتعلين بالشجاعة و الجرأة لتحقيق مهمة صعبة أو حيازة شرف كبير بالرغبة في أن أكون أفضل.

و مع ذلك، لا بد لي من النظر إلى المرآة كل صباح و أنا أعلم أنني لا أحقق ما يناسب إمكاناتي. فقد يجعلني هذا مستمراً في تواضعي، لكن رؤية الأبطال الخارقين الذين ينجزون أشياء عظيمة تبدأ في جعل تلك الصورة في المرآة ضبابية إلى حد ما. و على الرغم من أنني لست خائفاً أو مرتبكاً، إلا أنني لست قانعاً بالبقاء كما أنا.

فعائلتي تستحق أكثر.، و مجتمعي يستحق أكثر. فقد اخترت ألا أكون -أبداً- قانعاً بما أنا عليه اليوم، لأنني أعلم أن مستقبلي أفضل. و أن ذاتي المستقبلية يمكن أن تفعل ما يبدو اليوم مستحيلاً.

و اتعجب، كيف تكون المقارنة الاجتماعية جيدة!

و الآن ماذا؟ ماذا نفعل بهذه المفارقات التي كثيراً ما تبقينا مكتوفي الأيدي؟

أولاً، كن قاصداً للمقارنات التي تعقدها. 

لقد اخترت اثني عشر رجلاً و امرأة من التاريخ لدراستهم و السعي لمحاكاتهم مع شخصيتي و أحكامي و تدريبي.

و أُطلق عليهم مجلس الأموات خاصتي. فأثناء انخراطي في المواقف، أتساءل كيف كان بإمكانهم التعامل مع موقفٍ كهذا.

فسيتعامل بيتهوفن غالباً مع الموقف بشكلٍ مختلف تماماً عن نابليون أو الأم تيريزا.

و يمكنني النظر إلى مزيد من الخيارات بهذه الطريقة و سأكون قادراً على اتخاذ أفضل قرار ممكن.

ثانياً، انظر و استمع إلى العالم و ما يدور حولك. 

كثيرون في ثقافتنا يقومون ببساطة بشطب السياسيين أو المثقفين الذين لا نتفق معهم.

فنحن في كثير من الأحيان، لا نشاهد تمارين من يمارسون رياضة لا نهتم بها.

يا له من خطأ! خذ بعض الوقت للتعلم من جميع المصادر... استمع إلى الآخرين.

فقد لا تتفق معهم أبداً و لن تكون -أبداً- شغوفاً برياضتهم؛ لكن يوجد شيءٌ ما فيما يقومون به بوسعك أن تتعلم منه.

و مرةً أخرى، هذا هو الشكل الصحي لـ المقارنة الاجتماعية. فبينما أشاهد قادة آخرين، فإنني أشاهد ما قد أفعله يوماً ما. و لكنني أتعلم أحياناً -أيضاً- من أشياء لا أريد أبداً القيام بها. و في كلتا الحالتين، سأفوز لأنني أتعلم منهما.

و أخيراً، اقرأ كشخص مجنون..

إن واحدة من هواياتي المفضلة هي السير في ممرات متاجر الكتب، و لا سيما متاجر الكتب القديمة.

فلست ملزماً بشراء أي شيء. و لكن يمكنني استخلاص الإلهام و الأحلام من العناوين و في العروض القصيرة للكتب على الرفوف.

إذ أن قراءة منشورات المدونات و ملخصات الكتب و مشاهدة مقاطع الفيديو و اجتياز الدورات التدريبية، تعد أموراً مهمة تمدنا برؤية صحية لمقارنة أنفسنا و إلهام الآخرين لفعل المزيد.

المصدر


الوسوم



المؤلف

هدفنا إغناء المحتوى العربي لأن القارئ العربي يستحق المعلومة الصحيحة والمفيدة، و التي تنشر الآن في أهم المواقع العالمية ،


التعليقات

    • الأن